علم النفس المعلوماتي
بدأ علم النفس المعلوماتي يتشكل تدريجيا ليتأسس كعلم قائم بذاته منذ حوالي أربعة عقود خلت في الولايات المتحدة الأمريكية، رافق ظهوره تطور أنظمة الذكاء الاصطناعي، ونما تحت تأثيرها. وقد جاء النموذج المعلوماتي information-processing model كرد فعل ضد نظرية بيني Binet التي تعتبر الذكاء قدرة ثابتة، وبدأ يفرض نفسه في أعقاب الضجة التي أثارها استخدام روائز الذكاء في مجال التعليم بالولايات المتحدة الأمريكية،وأتى بتصور جديد للذكاء. يرتكز التصور الجديد على مصادرة مفادها أن الذكاء ليس سمة من سمات الفرد الثابتة، ولكنه طريقة في تناول الموضوعات ومعالجة المعلومات وحل المشكلات. يشمل مفهوم الذكاء، منظورا إليه من هذه الزاوية،مجموعة من العمليات العقلية التي لا تخرج خروجا تاما عن نطاق السيطرة، إذ يمكنالتحكم فيها، وتدريبالمتعلمين عليها، وتطويرها بشكل إرادي.
يركز هذا التصور على البعد الدينامي الحركي للذكاء،ويستبعد أن يكون له مضمون ثابت.وإذا صحت هذه الفرضية فإنه لا يجوز لأحد أن ينعت الطفل الذي يعاني من صعوبات التعلمبالغباء، وذلكعلى اعتبار أن الخلل ليس متأصلا في الذات،بليقع على مستوى الطريقة التي يباشر بها المهام المعرفية، ولذلك يمكن القولإن الطفل ليس غبيا، ولكن سلوكه ليس ذكيا. لهذا التصور مزايا عديدة تنكشفلنا عندما نقوم بفحصهفي ضوء الدور المنوط بالمدرس،وهو مساعدة التلميذ على تقويم سلوكه. وأما إذا افترضنا أن الذكاء قدرة ثابتةفإنه لن يكون باستطاعة أي مدرس مهما كانت قدراته أن يؤثر فيه،وسيكون من الطبيعي أن يعمد إلى تصنيف التلاميذ إلى فئات حسب درجات الذكاء أو الغباء،وأن يتعامل مع بعضهم على أنهم أذكياء بالطبع، ومع غيرهم على أنهم أغبياء بالطبع،وسيكون من العبثأن نرسل أطفالنا إلى المدارس إذا كانت حصيلة التدريس متغيرا تابعا لمتغير آخر يقع خارج سيطرة المعلم. ولعل من أبرز مزايا التصور الجديد للذكاء وأكثرها أهمية هو أن الوعي بمبادئه ومقاصده يساعد على تنامي الروح المهنية في ميدان التربية والتعليم، وهو ما عبر عنه بيغس ومور بقولهما: « إن خلع الطابع الميثولوجي عن هذا المفهوم [الذكاء] مهم جدا لكونه يساعد على تطوير التصور المهني لدور المدرس»Biggs and Moore, 1993, p. 159))  
تلحق صفة الذكاء،منظورا إليه في ضوءعلم النفس المعلوماتي،بالسلوك لا بالذات.يرد مفهوم الذكاء في سياق الخطاب السيكولوجي الجديدمرادفا لمفهوم معالجة المعلومات. كتب هونت Hunt مقالا تحتعنوان:  « Intelligence as an information-processing concept »(Hunt, 1980)ليؤكد على مدى أهمية هذه الفكرة. ترتكز نظرية هونت على ثلاثة مفاهيم أساسية وهي: مفهوم البنية structure، ومفهوم العملية process، ومفهوم قاعدة المعرفة Knowledge base. تعكس هذه المفاهيم نظام الكمبيوتر، ولكن الباحثين عمموا استعمالها ليشمل أنظمة أخرى ولتغدو أكثر اتصالا بواقع السلوك الإنساني، وأصبحت تشير إلى بنية الدماغ والجهاز العصبي للإنسان.
كان داس  Das وكيربيKirbyوجارمن Jarman (1979) من أبرز الباحثين الذين اتجهوا في هذا المنحى في محاولة للجمع بين نظرية لوريا Luria  حول وظائف الدماغ ونظرية معالجة المعلومات. وتعتبر نتائج بحوثهم من أكثر الأعمال انسجاما مع الإنجازات التي تحققت في مجال فيزيولوجيا الدماغ والجهاز العصبي (Kirby, 1984). وكان لورياقد ميز بين ثلاثة أنظمة وظيفية وهي: النظام الذي يؤدي وظيفة التذكرarousal، والنظام الذي يتولى معالجة المعلومات processing، والنظام الذي يؤدي وظيفة التخطيط planning. تبنى داس وكيربي وجارمن هذه المفاهيم، وركزوا على وظيفة معالجة المعلومات، وميزوا فيها بين نوعين من العمليات: العمليات التي تعالج المعلومات وفقا لمبدأ التزامن simultaneous processing، والعمليات التي تعالج المعلومات وفقا لمبدأ التعاقب successive processing. وعلى هذا الأساس بلور داس Das ما سماه نموذج دمج المعلومات information integration model(Das, 1984). ويتألف نظام معالجة المعلومات من ثلاث نظم صغرى مترابطة فيما بينها، وتمر عملية معالجة المعلومات بثلاث مراحل، يشتغل في كل واحدة منها نظام معين،وهي:
المرحلة الأولى: وفيها تشتغل العمليات المرتبطة بنظام استقبال الانطباعات الحسية. يرتكز هذا النظام على عملية انتقاء المعلومات، وتتطلب هذه العملية درجة عالية من الانتباه من أجل فحص المدخلات الواردة من المحيط الخارجي لتقدير مدى أهميتها بسرعة فائقة. ذلك لأن الفرد يتلقى خلال هذه المرحلة كمية هائلة من المعلومات عن طريق الحواس، ونظرا لضخامة حجم المعطيات التي ترد إليه من المحيط يعجز عن معالجتهادفعة واحدة وبشكل متزامن،ولذلك يركز انتباهه على أكثرها أهمية بالنسبة إليه.وتجري عملية الانتقاء ضمن ما يسميه داسبسجل الانطباعات الحسية sensory register، وتستغرق مدة قصيرة جدا لا تتجاوز ثانية واحدة.
المرحلة الثانية: وفيها تنتقل المعطيات المنتقاة إلى الذاكرة النشيطة working memory. ومن أهم ما يميز هذه الذاكرة هو وقوعها داخل دائرة الوعي، ومحدوديةطاقتها الاستيعابية، وقصر مداها، لا تستقر فيها المعلوماتأكثر من دقيقة واحدة، ولذلك سميت بالذاكرة القريبة المدى. وتحتل الخطط والاستراتيجياتقسطا وافرا من حيز الذاكرة القريبة المدى إلى جانب المدخلات التي تم انتقاؤها،ولذلك اعتبرت بمثابة المحطة الرئيسية في عملية معالجة المعلومات.وتجدر الإشارة هنا إلى وجود علاقة وثيقة بين الخطط والاستراتيجيات من جهة، ونظم معالجة المعلومات من جهة أخرى، وهو ما عبرعنه كيربي بقوله:« إن الاستراتيجية الجيدة تعوض النقص في حيز الذاكرة النشيطة»(Kirby. 1984. pp. 6). وعندما تنتقل المدخلات إلى الذاكرة النشيطة تعالج بطريقة تمكن من حفظها في الذاكرة البعيدة المدى.
المرحلة الثالثة:وفيها تنتقل المعلومات التي تمت معالجتها إلى الذاكرة البعيدة المدى، ويفترض أن تستقر فيها مدى الحياة إذا تمكن الفرد من تنظيمها تنظيما محكما. ولكن الأساليب المستعملة لاختزانها وتنظيمها تختلف من فرد لآخر. فهناك من يلجأ إلى استراتيجية التكرار والحفظ والاستظهار، وهناك من يستخدم استراتيجية أخرى تقوم على الربط بين المدخلات الجديدة والمعارف المكتسبة من خلال تأويلها في ضوء تلك المعارف، وهذا ما يشير إليه مفهوم التحويل coding  أو encoding في لغة علم النفس المعلوماتي(Biggs and Moore, 1993).
يتألف نظام معالجة المعلومات، إذن،من ثلاثنظم فرعية وهي: سجل الانطباعات الحسية، والذاكرة النشيطة، والذاكرة البعيدة المدى، ويشتملبالإضافة إلى ذلك على عمليات التحويل,والتخزين,والتخطيط, والإستراتيجيات المرتبطة بها. وتعتبر الذاكرة النشيطة المحطة المركزية في هذا النظام. وبحكم مكانتها المركزية في الجهاز المعرفي تلعب الذاكرة النشيطة دورا رئيسيا في عملية معالجة المعلومات،حيث إنها تؤدي العديد من الوظائف البالغة الأهمية: منها ما يتصل بالتخطيط، وتحديد الأهداف، واتخاذ القراراتفيما يتعلق بانتقاء الاستراتيجيات المناسبة لتحقيق الأهداف أو ابتكار استراتيجيات جديدة من أجل التحكم في الأداء؛ ومنها ما يتصل بتحويل المدخلات التي تم انتقاءها وفرزها وتصنيفها وتحليلها وتركيبها في ضوء الأهدافالمتوخاة.
وعلى هذا الأساس أمكن التمييز في الجهاز المعرفي بين نوعين من الوظائف: هناك من جهة وظيفة تحويل encoding المدخلات وتخزينها،وهي الوظيفة التي تمثل المضمون الحقيقي لعملية معالجة المعلومات؛ وهناك من جهة أخرى الوظائف المرتبطة بنظم التحكم في العمليات السابقة الذكر. يتعلق الأمر هنا بالخطط والاستراتيجيات التي توجه عملية معالجة المعلومات وتمكن الفرد من تنفيذها بطريقة فعالة. يتألف الجهاز المعرفي إذن من عمليات معالجة المعلومات ونظم التحكم فيها.  
يستعمل مفهوم العمليةprocess، بالمعنى الدقيق للكلمة، للدلالة على التحويلencoding لتمييزه عن الإجراءات التي يشملها مفهوم التخطيط ومفهوم الاستراتيجية. هذا مع العلم أن الاستراتيجيات والقدرة على التخطيط تميل، عندما يتقنالفرد استعمالها ويطبقها بطريقة آلية، إلى الاشتغال مثلما تشتغل عملية معالجة المعلومات. وفي هذه الحالة يصبح من الصعب التمييز بين العمليات والاستراتيجيات. غير أن التطور الحاصل في الاستراتيجيات لا يفقدها وظيفتها، حيث تظل في موقع السيطرة متحكمة في عملية معالجة المعلومات، ترسم لها الخطط والأهداف والغايات. يدل مفهوم الاستراتيجيةبمعناها العام على المنهجية أو المقاربة المعتمدة في أداء المهام المعرفية. ومع أنه يمكن استخدام مصطلح الخطة plan كمرادف لمفهوم الاستراتيجية إلا أن بعض الباحثين يفضلون التفريق بينهما، حيثيميزون في الخطة بين عدة مستويات متراتبةحسب درجة خصوصيتها أو عموميتها: فهناك الخطط الصغرى والخطط الكبرى (Kirby, 1984).
تتخذ الخطةفي نظرية جون كيربي مستويات متعددة ومتراتبة، تتدرج من أكثرها خصوصية إلى أكثرها عمومية، بحيث إن تنفيذ خطة معينة يستلزم أولا تنفيذ الخطط التي تقع في المستويات الدنيا من الدارج. تندرج الاستراتيجية في هذا النظام المتراتب باعتبارها خطة فرعية subplan،إنها جزء من نظام الخطط. والفرق بينها وبين الخطة هو أن هذه الأخيرة تبدو أكثر عموميةوشمولا. غير أنه يمكن التعامل مع الاستراتيجية بوصفها خطة عندماتوظف إجراءاتها ضمن نطاق محدود. ومع ذلك فإن مفهوم الاستراتيجية لا ينطبق دائما على جميع الأنشطة المعرفية، فهناكالكثير من الأنشطة التي لا يعبر عنها إلا بمفهوم الخطة.
وكذلك ميز جون كيربي في الاستراتيجيات بين نوعين: الاستراتيجيات الصغرى أوالأكثر خصوصية microstrategies والاستراتيجيات الكبرى أو الأكثر عمومية macrostrategies. وما يميز الصنف الأول هو أن كل استراتيجية منها تتناسبمع نوع محدد من المهام المعرفية دون غيره.إن ما يميز هذا النوع من الاستراتيجيات هو أنها تأخذ بعين الاعتبار خصوصيةكلمهمة، ولذلك تكون أكثر ارتباطا بالمعارف والقدرات التي يتطلبها إنجازها، وهو ما يجعلها قادرة على التأثير في الأداءبشكل مباشر.وتكمن أهميتها، إضافة إلى ذلك، في كونها قابلة للتلقين. وأما الصنف الثانيفيتميز بكونه أكثر شمولا وأكثرارتباطا بالبعد الوجداني للفرد وحوافزه.تعكس الاستراتيجيات الكبرى  الأسلوب المعرفي cognitive styleللشخص وطريقته في معالجة مختلف المهامالمعرفية. ولعل أهم ما يميز هذا النوع من الاستراتيجيات هو ارتباطها الوثيق بثقافة المجتمع، ولذلك يكون من الصعب تغييرهابواسطة التربية والتعليم.
وكذلك يمكن التمييز في الخطط بين نوعين: الخطط التي تطبق على مستوى الميكرو والخطط التي تطبق على مستوى الماكرو. ويكون من الصعب التمييز بين الاستراتيجيات والخطط الصغرى microplans عندما تميل هذه الأخيرة لأنتصبح أكثر شمولية، وكذلك يصعب التمييز بينها وبين خطاطة المعرفة knowledge schemeأو بنية المعارف الأكثر التصاقا بأفعال الفرد، عندما تصبح أكثر خصوصية. وكثيرا ما يحصل الخلط أيضا بين الأساليب المعرفية العامة والخطط الكبرى عندما تبلغ هذه الأخيرة درجة عالية من التعميم(Kirby. 1984).
إن ما يميز نموذج معالجة المعلومات بصفة عامة هو أنه يولي أهمية بالغة لنظم التحكم في عملية معالجة المعلومات. أخذ هذا النموذج العام شكلا خاصا عند داس Das وكيربي Kirby وجارمن Jarman عندما أدرجوا في نظريتهم أفكار لوريا حول التركيب المتزامن simultaneous synthesis والتركيب المتعاقب successive synthesis، وأطلقوا على الصيغة الجديدة اسم نظرية دمج المعلومات information integration theory. تمر عملية معالجة المعلومات في إطار هذا النموذج بنفس المراحلالتي كشف عنها النموذج المعلوماتي.والجديد في نظرية داس ومجموعته هو أن استعراض المعلومات وتنظيمهايتم وفقا لمبدأ التزامن ومبدأ التعاقبفي كل مرحلة من مراحل عملية المعالجة.
هناك إذن طريقتان لمعالجة المعلومات: طريقة ترتكز على مبدأ التعاقب، وأخرى ترتكز على مبدأ التزامن. ويختلف الأفراد في طريقة معالجة المعلومات، فمنهم من يظهر ميلا واضحا إلى بسطها واستعراضها في شكل حلقات متوالية، ولا يقيم بينها أية علاقةأخرى غيرعلاقة التسلسل،وهذه هي طريقة التركيب المتعاقب. ويفترض أن يكون الفرد الذي يستخدم هذه الطريقةشديد الميل إلى الحفظ والاستظهار. ومن الأفراد من يمتلك القدرة على أن يستحضر في ذاكرته كمية هائلة من المعطيات في آن واحد، ثم يقيم بينها علاقات منطقية، ويتمكن بذلك من إدراكالمعنى العام الذي تدل عليه التركيبة التي بناها على ذلك النحو،وهذه هي طريقة التركيب المتزامن. وتجدر الإشارة هنا إلى أن إنجاز بعض المهام يتطلب بالضرورة توظيف منهجية التركيب المتعاقب، كما هو الشأن مثلا بالنسبة للسلاسل الزمنية أو التراكيب اللغوية، فإن فهمها يستلزمتنظيمهاوفقا لمبدأ التعاقب. وما يمكن ملاحظته على العموم هو أن الأفراد يتوزعونعلى هاتين الطريقتين، غير أن هذا التوزيع لا يحول دون إمكانية تصور فئة ثالثة تجمع بينهما. ويتحدد ميل الفرد إلى استخدام هذه الطريقةأو تلك بمدى قدرته على التخطيط.
وترتكز نظرية دمج المعلومات على مجموعة من المصادرات من أهمها:
§         تتم عملية معالجة المعلومات المتزامنة والمتعاقبة والتخطيط على جميع مستويات الجهاز المعرفي بما في ذلك مستوى الإدراك الحسي والذاكرة،وعلى مستوى بناء المفاهيم؛
§         إن عملية التركيب المتزامن وعملية التركيب المتعاقب لا تخضعان لمبدأ التراتب؛
§         وإذا كان من الممكن أن تظهر إحداهما قبل ظهور الأخرى، فإن كل واحدة منهما تنمو في استقلال عن الأخرى؛    
§         يمكن مقاربة المهمة المعرفية الواحدة بالاعتماد على طريقة التركيب المتزامن أو على طريقة التركيب المتعاقب، هذا مع العلم أنه يمكن لنفس الطريقة أن توظف استراتيجيات مختلفة. وتقف مجموعة من العوامل المتفاعلة خلف اختيار الفرد لهذه الطريقة أو تلك.تتمثل هذه العوامل في: (أولا) ميل الفرد إلىإتقان نمط معين من أنماط التحويل أكثر مما يتقن نمطا آخر؛؛ (ثانيا)اعتيادهعلى استعمال نمط معين إذا كان يتقن النمطين معا؛ (ثالثا)يشمل هذا العامل شروط إنجاز المهمة المعرفية. وقد تتغير هذه الشروط كلما تغيرت التعليمات التي يتلقاها الفرد بخصوص كيفية معالجتها.
§         إن التخطيط والتحويل عمليتان مترابطتان فيما بينهما.
لهذا النموذج النظري أساسه الفيزيولوجي أيضا. فقد تبلور انطلاقا من نظرية لوريا Luria التي تؤكد أنالمنطقةالجبهية الأمامية من الدماغ هي المسئولة عن أداء وظيفة التخطيط. لقد أثبت هذا العالم بواسطة التجارب التي أجراها على عدد كبير من الأفراد أنه عندما تتعرض هذه المنطقة للأذى تضعف قدرة الفرد على التخطيط. ومن الآثار المترتبة عن ذلك أيضا حصول اضطراب على مستوى الإدراك الحسي-البصري، وضعف القدرة على التحكم في الانتباه وتوجيهه لانتقاء المدخلات المهمة، مما يتسبب في انخفاض مستوى الأداء. وتوصل أيضا إلىأنلكل من أسلوب التركيب المتزامنوأسلوب التركيب المتعاقب أساس فيزيولوجي، حيث أثبت أن لكل أسلوب منطقة خاصة به في الدماغ (Das, Kirby and Jarman, 1979 ; Das. 1984).
وتجدر الإشارة أخيرا إلى أن نظرية كيربي تبلورت خارج حقل التربية والتعليم،إلا أنها كانت تطمح منذ البداية إلى المساهمة في فهم طرق التحصيل والأداء لدى المتعلمين وأساليب التدريس وتطويرها. يعترف كيربي أن هذه » النظرية تشكلت قبل جمع المعطيات« ، ولكنه قام بفحصها في ضوء نتائج البحوث الميدانيةالتي أجراها مع زملائه في ميدان التربية والتعليم، ودعموها بنتائج البحوث التي أجريت في ميدان علم النفس الفارقي، وانطلقوا في بحوثهم الميدانية من افتراض وجود علاقة بين مستوى الذكاء ومستوى الأداء لدى التلاميذ. وصاغوا هذه الفرضية انطلاقا من مصادرة مفادها أن ما يحدد كلا من مستوى الأداء ومستوى الذكاء هيالعمليات المعرفية cognitive processes التي تشكل بنيتهما التحتية. تسعى هذه البحوث إلى التعرف على طبيعة المشاكل التي يعاني منها التلاميذ من أجل وضع برامج للتدخل في المؤسسات التعليمية لتصحيح سلوك المتعلمين وتطوير أساليب التدريس والتعلم وخاصة ما تعلق منها بالخطط والاستراتيجيات(Kirby, 1984b. p. 60).
 

0 commentaires

إرسال تعليق